يمرُّ سوقُ العملاتِ الرقميَّة المشفرَّة بمرحلةٍ مهمَّة وتاريخيَّة خلال السنوات الأخيرةِ.
تغيَّرَت ملامحُ المجالِ الجغرافيِّ للعملاتِ الرقميَّة وزادت في التوسُّع و الانتشارِ في العديدِ من المناطق في العالم.
مثَّلَت منطقةُ الشرقِ الأوسطِ و شمالِ أفريقيا MENA وجهةً مثاليَّةً للصناعة الرقميَّة.
نموُّ سوقِ العملاتِ الرقميَّةِ في منطقةِ الشرقِ الأوسطِ و شمالِ أفريقيا MENA.
تعتبر العملاتُ الرقميَّةُ زائراً جديداً في منطقةِ الشرقِ الأوسطِ و شمالِ أفريقيا.
لكن على الرغم من هذا استطاعت صناعة التشفير أن تنمو بنسقٍ مُتسارعٍ في المنطقة.
على الرَّغم من أن هذا الزخمَ و النموَّ الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط و شمال أفريقيا ظاهرٌ للعيان ولا يحتاج للإثبات و البرهان.
إلَّا أنَّ الإحصائيات و الأرقام تؤكِّد أنَّ منطقةَ الشرقِ الأوسطِ تستعدُّ لثورةٍ صناعيَّةٍ رابعة.
هذا الأسبوع، نشرَت شركةُ Chainalysis تقريراً جغرافيَّاً عن العملاتِ الرقميَّةِ في منطقةِ الشرقِ الأوسطِ وشمالِ أفريقيا MENA.
سجَّلَت منطقةُ الشرقِ الأوسطِ وشمالِ أفريقيا أعلى معدَّل نموٍّ مقارنةً بالعام الماضي، حيث زادَ حجمُ معاملاتِ العملاتِ الرقميَّةِ بنسبةِ 48%.
حيثُ تداولَ مستخدمو العملاتِ الرقميَّةِ في منطقةِ الشرقِ الأوسط وشمالِ أفريقيا، ما يعادل 566 مليار دولار من العملاتِ الرقميَّة خلالَ هذا العام.
وبهذا تسجِّلُ منطقةُ الشرقِ الأوسطِ وشمالِ أفريقيا أعلى معدَّلِ نموٍّ في مجالِ التشفيرِ، متقدِّمةً بذلك على أعرقِ الأسواقِ الرقميَّةِ العالميَّةِ على غرار أمريكا اللاتينية وآسيا و أوروبا.
تضمُّ منطقةُ الشرقِ الأوسطِ ثلاثَ دولٍ هي في المراتبِ الثلاثين الأولى في مؤشِّر تبني العملاتِ المُشفرَّةِ العالميِّ لعام 2022.
- تركيا في المرتبةِ 12.
- مصر في المرتبةِ 14.
- المغرب في المرتبةِ 24.
بالتالي، يبدو أنَّ سوقَ العملاتِ الرقميَّةِ في منطقةِ الشرقِ الأوسطِ و شمالِ أفريقيا ينمو بشكلٍ سريعٍ، مُنبِئاً بثورةٍ صناعيَّةٍ رابعةٍ.
مثَّلَت الاستراتيجياتُ السياسيَّةُ والظروفُ الاقتصاديَّةُ لبعضِ الدولِ في منطقةِ الشرقِ الأوسطِ وشمالِ أفريقيا MENA المُحرِّكَ والدافعَ الرئيسً للاعتمادِ الكبيرِ على المعاملاتِ الرقميَّة.
نموٌّ مُتسارِعٌ لسوقِ العملاتِ الرقميَّة في دولِ منطقةِ الشرقِ الأوسطِ و شمالِ أفريقيا MENA.
في وقتٍ وجيز، حاز المجالُ الرقميُّ على ثقةِ العديدِ من الحكوماتِ و كبارِ المستثمرين في المنطقةِ.
واليومً، أصبحَت منطقةُ الشرقِ الأوسطِ و شمالِ أفريقيا MENA وجهةً رئيسيَّةً للعملاتِ الرقميَّة.
ساعدَت الظروفُ السياسيَّةُ و الاقتصاديَّةُ التي عاشَتها بعضُ البلدانِ في المنطقةِ على التبنِّي السريعِ للعملات الرقميَّة.
مصرُ أحدُ أسرعِ أسواقِ العملاتِ الرقميَّةِ نموَّاً في المنطقة.
سجَّلَت مصرُ خلالَ هذه الفترةِ أعلى نسبةِ نموٍّ في الشرقِ الأوسطِ وشمالِ أفريقيا، حيثُ بلغَت نسبةُ النموِّ في الفترةِ بينَ يوليو 2020 لـ يونيو 2021 مقابلَ يوليو 2021 لـ يونيو 2022 أكثر من 220%.
وبذلك؛ فقد تضاعفَ حجمُ المعاملاتِ في مصرَ ثلاثَ مرَّاتٍ مقارنةً بالعامِ السابق.
وفقاُ لتحليلاتِ Chainalysis تزامنَ ارتفاعُ مُعدَّل تبنِّي العملاتِ الرقميَّةِ في مصرَ مع التغيُّراتِ الاقتصاديَّةِ فيها.
حيثُ شهِدَ سعرُ الجنيه المصريِّ انخفاضاً بنسبةٍ تفوقُ 13% عمَّا كان عليه في العام الماضي، ذلك ساهمَ في اعتمادِ المصريين على العملاتِ الرقميَّةِ وزيادةِ تبنِّيها.
تركيا أكبرُ سوقٍ للعملاتِ الرقميَّةِ في المنطقةِ.
خلالَ السنواتِ الماضيةِ، جذبَت العملاتُ الرقميَّةُ اهتمامَ الأتراكِ واستحوذَت على جزءٍ مهمٍّ من مُدَّخراتِهم.
على الرَّغم من أنَّه وخلالَ هذا العامِ سجَّلَت تركيا زيادةً متواضِعةً في حجمِ التداولِ إلَّا أنَّها مازالَت تُعتبَرُ أكبرَ سوقٍ للعملاتِ الرقميَّةِ في منطقةِ الشرقِ الأوسطِ وشمالِ أفريقيا.
حيثُ بلغَ حجمُ التعاملاتِ في الفترةِ الممتدَّةِ بينَ يوليو 2021 و يونيو 2022 حوالي 192 مليارَ دولار أي؛ بزيادةٍ تُقدَّرُ بنسبةِ 10 %.
خلال َالسنواتِ الماضية، دفعَ انخفاضُ قيمةِ الليرةِ التركيَّةِ ملايينَ المواطنين الأتراك إلى الاستثمارِ في العملاتِ الرقميَّةِ.
يقول Turan Sert مستشارُ Paribu أكبرَ مِنصَّةٍ رقميَّةٍ على الإنترنت في تركيا : “في الماضي، يتَّجهُ الناسُ إلى الدولار لتجنُّبِ التقلُّباتِ في عملتِهم ، لكن الآن أصبحَ الاتجاهُ إلى التشفيرِ.”
فمن الجديرِ بالذكرِ أنَّ السياسةَ العامةَ للدولةِ التركيَّةِ لا تتَّجهُ إلى إطارٍ تنظيميٍّ ودِّيٍّ مع العملاتِ الرقميَّةِ.
في الماضي؛ صرَّحَ الرئيسُ رجبُ طيِّب أردوغان بأنَّ تركيا “ليس لديها أيَّةُ نيَّةٍ على الإطلاقِ لاعتمادِ العملاتِ المُشفرَّة”.
في أبريل الماضي؛ فرضَ البنكُ المركزيُّ التركيُّ أيضاً حظراً على استخدامِ العملاتِ المُشفرَّة للسلعِ والخدماتِ التقليديَّةِ، مشيراً إلى أنَّ الأضرارَ المرتبِطةَ بالعملاتِ الرقميَّةِ “لا يُمكنُ إصلاحَها ” .
لكن على الرَّغمِ من كلِّ هذا، تبقى تركيا أكبرَ سوقٍ للعملاتِ الرقميَّةِ في منطقةِ الشرقِ الأوسطِ وشمالِ أفريقيا MENA.
المغربُ تخطو خطواتٍ ثابتةٍ لتكونَ أحدَ الأسواقِ الرقميَّةِ الرائدةِ في المجالِ الرقميِّ.
وفقاً لإحصائيَّاتِ Chainalysis، تحتلُّ المغربُ المركزَ الرابعَ من حيثُ نموِّ حجمِ المعاملاتِ في منطقةِ الشرقِ الأوسطِ وشمالِ أفريقيا.
حيثُ سجَّلَت المغربُ زيادةً في حجمِ المعاملاتِ بنسبةِ 120 % خلالَ الفترةِ الممتدَّةِ بين يوليو 2021 و يونيو 2022.
تعتبرُ هذه الزيادةُ أمراً طبيعيَّاً وبخاصةٍ مع تغيُّرِ الرؤيا السياسيَّةِ تُجاهَ مجالِ العملاتِ الرقميَّةِ خلالَ العامِ الماضي.
في سنة 2017 عبَّرَت الحكومةُ المغربيَّةُ عن موقفِها السلبيِّ تُجاهَ العملاتِ الرقميَّةِ و تقنينِ استخدامِها في المغرب.
اليومَ، يبدو أنَّ للحكومةِ المغربيَّةِ نوايا جديَّةً بدراسةِ و تقنينِ العملاتِ الرقميَّةِ.
في شهرِ مارس الماضي، أكَّدَ محافظُ البنك المركزي المغربيُّ عبد اللطيف الجواهري، أنهم ينسِّقون مع صندوقِ النقدِ والبنكِ الدوليِّ للاستفادةِ من مساعدتِهما لترخيصِ العملاتِ الرقميَّة.
أصبحَت إرادةُ الحكومةِ المغربيَّةِ تتجهُ إلى تنظيمِ العملاتِ الرقميَّةِ هذا ما كان دافعاً للتبنِّي السريعِ للعملاتِ الرقميَّةِ.
“مرحلةُ الاعترافِ بالعملاتِ المُشفرَّةِ ستأتي بالضرورةِ، لكن يجبُ علينا وضعُ الإطارِ القانونيِّ لذلك”.
عبد اللطيف الجواهري
دولُ مجلسِ التعاونِ الخليجيِّ الداعمُ الأكبرُ للعملاتِ الرقميَّةِ.
حَظِيَ مجالُ العملاتِ الرقميَّةِ و تقنيَّاتِ Blockchain و NFT باهتمامٍ كبيرٍ ودعمٍ من حكوماتِ الخليجِ العربي.
اليومَ تُعَدُّ الإماراتُ العربيَّةُ المُتَّحِدةُ عاصمةَ العملاتِ الرقميَّةِ في الشرقِ الأوسطِ، السعوديَّةُ والبحرينُ كذلك هي اليومَ تعتبرُ منافِساً شرساً تطمحُ لافتكاكِ الصدارةِ في مجالِ العملاتِ الرقميَّةِ في المنطقةِ.
على الرَّغمِ من الدورِ المهمِّ الذي تلعبُه دولةُ الإماراتِ العربيَّةِ المُتَّحِدَة في دعمِ مجالِ العملاتِ الرقميَّةِ في منطقةِ الشرقِ الأوسطِ وشمالِ أفريقيا.
إلَّا أنَّها تحتلُّ المرتبةَ الخامسةَ من حيثُ معدَّلِ النموِّ في المنطقةِ، حيثُ سجَّلَت زيادةً في نموِّ المعاملاتِ بنسبةِ 37 % خلالَ هذا العام.
سجَّلت السعوديَّةُ زيادةً في نموِّ تبنِّي العملاتِ الرقميَّةِ بنسبةِ 194 % في الفترةِ بينَ يوليو 2021 لـ يونيو 2022.
وهو ثاني أسرع معدَّلِ نموٍّ في منطقةِ الشرقِ الأوسطِ.
تزايدَ اهتمامُ المستثمرين بدولِ الخليجِ العربي، هذا يترجمُ جهودَ دولِ الشرقِ الأوسطِ في خلقِ مجالٍ تنافسيٍّ إيجابيِّ الجانبِ في تقنينِ الأصولِ الرقميًّةِ.
اليوم، أصبحَت دولُ الخليجِ العربيِّ الوجهةَ الموثوقةَ للعديدِ من شركات العملاتِ الرقميَّةِ العالميَّةِ.
أخيراً، يبدو أنّ منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تستعدُّ لثورةٍ صناعيَّة رابعة، حيثُ اتَّخذَت الحكوماتُ في المنطقةِ سياساتٍ استراتيجيَّةٍ لتحقيقِ الاستفادةِ من المجالِ الرقميِّ وتطويرِ وتنميةِ باقي القطاعاتِ الاقتصاديَّة.
فبنسقٍ سريعٍ تتَّجهُ دولُ الشرقِ الأوسطِ و شمال أفريقيا إلى ثورةٍ صناعيَّةٍ رابعة.