يمر سوق العملات الرقمية المشفرة بمرحلة هامة وتاريخية خلال الفترة الحالية، يشهد فيها السوق إجراءات تنظيمية وتشريعية تصدر عن بعض الدول و التكتلات الإقتصادية الكبرى في هذا العالم، حيث تتضمن هذه الإجراءات التنظيمية والتشريعية إصدار قواعد وضوابط أكثر صرامة على هذا السوق. سوق العملات الرقمية المشفرة أصبح الآن أمراً واقعاً وهو آخذ يوماً بعد يوم في الإنتشار والتوسع حول العالم، غير أن هذا السوق بما فيه من عملات وتداولات ومعاملات لا يخضع لأي بنك مركزي أو هيئات مالية رقابية أو تنظيمة بشكل رسمي، وهو ما يؤكد على الحاجة في إصدار بعض القواعد والقوانين واللوائح بهدف تنظيم هذا السوق من قبل المؤسسات المعنية بهذا الأمر.
بالطبع من المعروف أن سوق الأصول الرقمية وهو مصطلح شامل يتضمن أيضاً سوق العملات الرقمية أنه قائم على فكرة المالية اللامركزية DeFi، ولكن على ما يبدو أن الحكومات والمؤسسات المالية الكبرى قد شعرت بأن سوق الأصول الرقمية غير منطقي وغير منهجي أيضاً بالصورة التي هو عليها الآن. على سبيل المثال إذا ما قارنا بين العملة الأكثر انتشاراً وشيوعاً حول العالم وهي الدولار الأمريكي والعملة الرقمية المشفرة الأعلى قيمة في العالم وهي البيتكوين، سنجد أن قيمة عملة واحدة من البيتكوين في وقت كتابة هذا التقرير تساوي 40 ألف دولار أمريكي، على الرغم من انتشار الدولار الأمريكي الأوسع من البيتكوين، فكيف ذلك أذاً؟
قواعد ولوائح وقوانين تنظيمية وتشريعية بشأن سوق العملات الرقمية المشفرة
وقد أصدر الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم الأثنين الماضي أمراً تنفيذياً بشأن الأصول الرقمية المشفرة دعا فيه الولايات الفيدرالية باتباع نهج موحد لتنظيم ومراقبة الأصول الرقمية. الأمر التنفيذي أخذ في الإعتبار ستة أولويات وهي حماية المستهلك والمستثمر والإستقرار المالي ومنع الأنشطة الغير مشروعة والقدرة التنافسية للولايات المتحدة على المسرح العالمي والشمول المالي والإبتكار المسؤول.
ردة فعل سوق العملات الرقمية المشفرة كانت إيجابية نحو الأمر التنفيذي الذي صدر، حيث بلغت القيمة السوقية لتداولات السوق نحو 1.8 تريليون دولار، ولكن سوق العملات الرقمية تراجع في اليوم التالي ليمحو تقريباً جميع المكاسب التي حققها في الجلسة السابقة. وربما سيتعجب الكثيرين عندما يعرفون أن السبب الرئيسي في تراجع السوق هو الأمر التنفيذي ذاته أيضاً، حيث تضمن الأمر توصية من الرئيس الأمريكي للبنك الفيدرالي بدراسة وبحث إنشاء عملة رقمية رسمية للولايات المتحدة.
يوم الأثنين الماضي قام الإتحاد الأوروبي بخطوة مماثلة لتلك التي اتخذتها الولايات المتحدة عن طريق البرلمان الأوروبي، عندما وافق البرلمان على حزمة تشريعات تنظيمية بشأن الأصول الرقمية المشفرة. الحزمة التشريعية تعد مشابهة إلى حد كبير للأمر التنفيذي الذي صدر في الولايات المتحدة، غير أنه لم يتضمن توصية ببحث ودراسة إنشاء عملة رقمية مشفرة خاصة بالإتحاد الأوروبي.
لابد وأن نعترف بأن ما يحدث في العالم الآن منذ بدء جائحة كورونا وصولاً إلى الحرب الروسية الأوكرانية التي بدأت في 24 فبراير الماضي 2022، سوف يتمخض عنه نظام سياسي ومالي واجتماعي جديد. ولكن مع اتجاه الدول العظمى لتنظيم وضبط السوق الرقمي التشفيري، فهذا سوف يعد نقلة نوعية هائلة في مجال التعاملات المالية، إذ أن المعاملات المالية بين الدول والبنوك والمؤسسات المالية ستتحول إلى أرقام، سوف تنتقل من دولة إلى أخرى ومن بنك إلى آخر ومن فرد إلى آخر، أنه سيكون عصر السرعة المالية.
نظرة عامة على آداء سوق العملات الرقمية المشفرة
البيتكوين: بشكل عام يتداول البيتكوين في نمط تداول عرضي جانبي منذ الأسبوع الماضي، إلا أن يوم التاسع من مارس الحالي شهدت عملة البيتكوين ارتفاعاً في أعقاب الإعلان عن إصدار الرئيس الأمريكي أمراً تنفيذياً دعا فيه الوكالات الفيدرالية في الولايات المتحدة بالتعاون وتنسيق جهودها في التعامل مع مجال الأصول الرقمية. وقد بلغت البيتكوين يوم التاسع من مارس أعلى مستوياتها خلال الأسبوع الماضي مع ملامسة مستوى 42,590.019، إلا أن توصية الرئيس الأمريكي جو بايدن الفيدرالي الأمريكي ببحث ودراسة إمكانية إصدار دولار رقمي، والذي تضمنها الأمر التنفيذي دفعت البيتكوين إلى الهبوط نحو نفس نطاق التداول العرضي الجانبي. البيتكوين حالياً يتم تداولها عند مستوى 40,400.00 دولار أمريكي.
الأثيريوم: يتم تداول الأثيريوم أيضاً في نمط تداول عرضي جانبي خلال الفترة الأخيرة، لكن يوم التاسع من مارس شهدت فيه عملة الأثيريوم أعلى مستوى لها خلال الأسبوع الماضي عند 2,773.00. عملة الأثيريوم عادت للتراجع مرة أخرى يوم العاشر من مارس لتتداول في نفس مستوى نمط التداول العرضي الجانبي. والآن الأثيريوم تتداول عند مستوى 2,682.65 ألف دولار أمريكي.
الدوجكوين: تتداول عملة الدوجكوين الرقمية في مسار تداولي هابط خلال الآونة الأخيرة، غير أن العملة الرقمية شهدت يوم التاسع من مارس الماضي تصحيحاً صاعداً بلغ مستوى 0.1246، ومن ثم عادت العملة مرة أخرى إلى استكمال المسار الهابط من اليوم التالي مباشرة.
نود أن نشكركم على حسن متابعتكم، وانتظروا منا المزيد من الأخبار والتقارير الهامة والمفيدة لما يجري حالياً على الساحة العالمية في مجال التكنولوجيا المالية.